إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله
من شرور انفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً
عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم
بإحسان الى يوم الديـــن وسلم تسليما كثيرا ،
اما بعد :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مما لاشك فيه ان الاسرة هي الحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الاطفال ورعايتهم وتنمية عقولهم وارواحهم والاهتمام بصحة اجسامهم ..والاسرة هي منبع الحب والحنان والرحمة والمودة والتكافل ..ومما لاشك فيه ايضا ان الطفل يتأثر بطابع هذه الاسرة الذي يلازمه مدى الحياة... فاذا كانت الاسرة على دين وخلق وبينة من هذا الدين وعلى نوره ومسلكه تنتهجه وتربي فان هذا الطفل طبعا ستنفتح امامه ابواب الحياة الطيبة الصالحة ..
ولكن قد راينا كيف ان الاسرة في العالم الاسلامي بدات تتعرض لمعاول الهدم والتخريب والتفكيك والتفسخ الاخلاقي والتمييع الروحي ..فنرى جيلا ينخر فيه سوس الانحلال الخلقي والخواء الروحي فلا يعرف الا الاكتفاء المادي والارتواء من متع الدنيا لانه تعلم داخل اهله ان الحياة هي اصلا تنحصر في الماديات والوصول السريع الى تحقيق كل الملذات والامنيات ان صح التعبير ..
وما يحز في النفس ان الذين نهلوا من الثقافة الغربية الهدامة راحوا يصفقون لها في بلادنا غير مميزين بين الغث والسمين فقد درسنا في الجامعة فلسفة "ماركس" و "سارتر" الوجودي الذي يؤمن بالعبثية وان الحياة عبث و هناك الادب الذي دخل علينا من الغرب فنجد " سيمون دي بوفوار" الذي لايؤمن بالاسرة اصلا ونجد" ديكايم" وغيرهم كثيرين ..والمؤسف ايضا ان ندرس هذا لابنائنا لالننتقد ونعري هذه الفلسفات الفارغة ونرد عليها الرد الحازم والصحيح ولكن ندرسها لهم على انها الصحيح الذي لا يقبل العكس ..
كما دخلت علينا الفضائيات والاعلام الهادم لكل خلق ودين و هنا نجد ان التربية في منعطف الطريق مهددة اذا لم ننشئ اجيالا متعلمة و مسلمة صحيحة الاسلام يمكن بدورها ان تساهم في بناء اسرة على منهج الاسلام الصحيح لاتؤثر فيها الفضائيات... لانها محصنة بحصن عتيد قوي وهو حصن الايمان والتقوى والتمسك بحبل الله المتين .. و نشد بالاهمية البالغة على دور الام المسلمة التي تقوم بهذا الدور التربوي الهام نحو اطفالها بكل جدية وحزم وتقوى وتوكل على الله بمناهج سليمة وصحيحة ويكون في معلومها ان دورها هذا اجدى وانفع واسمى من ان تزاحم الرجل في ميادين اخرى تليق بالرجل ويتحمل مسؤوليتها خير تحمل ..
والمطلوب من المراة المسلمة رعاية اجيال ولدت على الفطرة التي فطرها الله عليها ..رعاية تحفظ هذه الفطرة من التشويه والتبدل والمسخ ويجب ان تعي المسلمة بخواص وصفات هذه النفس وهذه الفطرة وتتتسم بالفهم الشامل وتقوم بتغذية هذه النفس التي صنعها الرحمن اللطيف الخبير ولن يتاتى لها هذا ما لم تكن متفطنة و واعية لدينها حق الوعي وتتفقه فيه ما استطاعت اليه سبيلا وتستفيد مما تقدمه العلوم التربوية من دراسات حول خصائص النفس البشرية ومراحل نموها وسبل العناية بها بل ومجاهدتها وكيفية التوصل الى المجاهدة الحقة ..
والدور التربوي للام المسلمة اسمى واشرف واهم بكثير من الاطعام والتنظيف و الزجر في وجوههم اذا اضجروها او غير ذلك مما يجعلها لاتزيد عن نطاق دور خادمة غير واعية ولاخبيرة بالتربية ..
هنا نصل الى ان نطرح السؤال الاهم وهو ماهي غاية التربية في المجتمع المسلم .؟؟
اولا يجب ان تعلم الام المسلمة انها ستقدم لنا جيلا مسلما يتميز باسلامه ايمانا وتطبيقا سلوكا ومنهجا ..فيجب ان تعي ان الغاية هي تطبيق الاسلام داخل هذه الاسرة وبالتالي داخل المجتمع وداخل الامة اجمع فاسرة هي النواة والبذرة التي ستنتج وتعطي ..
هنا ياتي دور الام في التوجيه السليم الذي تجعل منه التربية متوازنة وثابتة واذا وقع خلل في هذا التوجيه فان التربية تكون معاقة وفيها تناقض ونقص وهذا يعني ان التربية لاتقوم على ذلك الاساس المتين من التوجيه الديني الكامل الشامل لكل نواحي الحياة ..هنا تشكل الام الفرد الذي يجد في نفسه وبشكل دائم الاساس الراسخ لسلوكه وتعاملاته على اساس الدين والاخلاق والاقتداء بنبع القرءان والسنة النبوية الشريفة .. هنا على الام ان تستقي اصول التربية من القرءان والسنة الطاهرة ..وعلى الام تغذية الطفل في بداية عمره بالحنان والحضن الدافئ والشعور بالامان ورعايته حق رعاية كي ينمو صحيحا معافى لينهض بعبئ الخلافة في الارض ..وليتمكن من تحقيق العبودية لله الواحد الاحد باكمل صورها .. و يحتاج هذا من الام المعرفة والدراية بالدين التي تعطيها التوجيه القويم في سير الحياة....
هنا ايضا نرجع الى الفطرة فاول المهمات السامية للمراة المسلمة داخل البيت هي تربية المولود تربية سليمة لقول الرسول الكريم المعلم والهادي صلى الله عليه وسلم || كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ|| هنا نصل الى ان مهمة الام مهمة سامية عظيمة وهي انشاء جيل سوي النفس صحيح الجسم عارف بربه وعالم بالهدف من الخلق وهي عبادة الله الخالق الوهاب || وماخلقت الجن والانس الا ليعبدون ||
و نجد ان مهمة الام هي ان لاتغير فطرة النشئ لان اي تغيير او مسخ او شرك او تحلل في الاخلاق والسلوك واي انحراف فهو من الام او الابوين معا وذلك لانحراف في التوجيه او استقاء التربية من منابع دخيلة علينا .
.لذلك فلا بد من النهوض بالدور التربوي للام المسلمة الى ما هو اعلى واسمى من دور التنظيف والاطعام ولابد من توضيح قيمة هذا الدور للفتاة المسلمة وتنشئتها على تقديره واحترامه بل حبه وعشقه .. فالتربية تحتاج الى الخبرات والتعلم والعلم الهادف ؟..لابد من تهيئة الفتيات المسلمات حتى يكن مربيات قديرات لاطفالهن وقد قال تعالى || والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين ||
هنا ياتي دور العلماء والمربين المسلمين لارساء قواعد تدرس لفتياتنا حتى تكون الام المسلمة مربية تعد لنا رجالا صالحين يحملون الارشاد للبشرية ويتولون انقاذ المجتمع المسلم مما علق به من جهل وبعد عن الله والنهج الرباني ..ربما هنا تحترم الفتاة العمل خارج البيت وتزدري العمل التربوي داخل البيت لاعتقادها انها متعلمة ومهمة التربية ستتولاها الخادمة او احدا اخر غيرها وهذا خطا في التوجيه والارشاد من قبل الام .. بالعكس عندما تحاول الام تعلم اصول التربية وفهم الطبيعة البشرية وفطرة الطفل وعندما تحاول فهم الاسلام وسبل تعليمه لكل عمر من الاعمار وعندما تعرف حدا ادنى من المعرفة عن الجسم البشري وطرق وقايته مما يضره عندها ترتقي بنفسها وتفتخر بدورها التربوي ولن تزدري نفسها منه بل وسترتقي بمهمتها التربوية داخل البيت عن مستوى الخدمة البيتية الى مستوى المربية الحقيقة الواعية الفاهمة لدينها والعارفة بقدر دينها وقيمته في حياتها وحياة اسرتها ..وتعلم انها تقوم بعمل اسمى من العمل خارج البيت وترك بيتها للخادمات وللخلل النفسي لاسرتها ولاطفالها ..ولاباس ان نشير هنا ان اقرب المهن الى الدور التربوي للام المسلمة مهنة التعليم والتطبيب لانهما اتمام لما بداته الام عندما اخدت تربي طفلها التربية الحقة ..وهنا لا ننسى اهمية وجود الطبيبات والمدرسات المسلمات و المرشدات للاسلام سلوكا ومنهجا وشكلا ان صح التعبير ولكن نؤكد ان هاتين المهنتين لايمكن ان تكونا اسمى وانجح وانفع واجدى واسمى قدرا اعلى مكانة من المهمة الاصلية للمراة المسلمة في تربية اطفالها وانشائهم مسلمين حقا واعين حقا بدورهم نحو دينهم ومنتجين وفعالين في المجتمع المسلم وانشائهم اصحاء عقلا وروحا وجسما ..
وهنا لاننسى دور الاب ايضا المساعد والمكمل الى جانب دور الام المسلمة وعليهما معا اتقان فن التربية بالقدر الذي يمكنهم من اداء واجبهم في تربية الابناء على الدين الحق .. فالمراة المسلمة ليست مربية فحسب بل هي عاملة في بيتها ومساهمة ايضا في اقتصاديات الاسرة فاذا كانت مدبرة حكيمة ولديها طريقتها الذكية والمنتجة في تفعيل دورها الاقتصادي فهنا لاتقل مساهمة عن مساهمة الرجل الاقتصادية ..فالرجل ليس عاملا خارج البيت فقط بل هو ايضا يجب ان يكون مربيا بجانب الام وقد لاتقل اهمية دوره عن الام فله الدور التربوي الفعال ..
هنا نصل الى ان نقول لايمكننا الفصل بين الممول للاسرة والمربي فكلاهما ممولا ومربيا داخل الاسرة المسلمة السليمة الفطرة والصحيحة الاركان ...و بالله التوفيق
" تم بحمد الله بقلمي الخاص "